تريند 🔥

🤖 AI

لينكس: شكرًا ويندوز!

لينكس افضل من ويندوز
هادي الأحمد
هادي الأحمد

7 د

استخدمتُ ويندوز من إصدار 98 وحتّى 11، وجربت كلّ الإصدارات بينهما؛ انبهرت كما انبهر الجميع بتصميم فيستا، ووقعت بحب ويندوز 7، ونظرت بعيونٍ حالمة عندما صدر ويندوز موبايل، وحزنت عند وفاته وإنهاء خطّ تصنيع هواتفه المحمولة، واستخدمت ويندوز 10 و 11 من لحظات صدورهما الأولى بنسخهما التجريبية.

وهذه التجربة ليست فريدة، فويندوز هو نظام التشغيل المسيطر على سوق الحواسيب الشخصيّة منذ عقود، ولسبب وجيه: ويندوز نظام تشغيلٍ جيد حقاً.

قارن ويندوز بنظامي التشغيل الأكثر شهرةً على الحواسيب الشخصيّة: ماك ولينكس، ستجد أنّه في المنتصف تماماً بين الاثنين؛ يمكّنك من امتلاك العتاد الذي تشاؤه في جهازك، عكس ماك، ويمكنك تثبيته بسهولة فائقة والبدء باستخدامه خلال ساعات، عكس لينكس.

ويندوز أيضاً يقدّم لك توافقيّة هائلةً مع البرامج القديمة، ويدعم تشغيل أغلبها كما هي، بينما يتيح لكثيرٍ منها ضبطاً توافقيّاً بحسب نظام التشغيل التي صممت لأجله.

وفوق هذا وذاك، أغلب البرامج والألعاب الشهيرة اليوم تصدر بإصدار ويندوز أولاً، وهذا بالمختصر ما يجعل حصّة ويندوز السوقيّة تفوق حصص بقيّة أنظمة التشغيل الأخرى كلّها مجتمعةً وبفارق كبير في سوق الحواسيب الشخصيّة.


وكما يقال، النجاح يولّد النجاح، المزيد من الحصص السوقيّة يعني أن المزيد من مطوّري البرامج سيستهدفون ويندوز كنظام تشغيلٍ أساسيّ لبرامجهم، وهذا سيدفع بالمزيد من المستخدمين للبقاء مع ويندوز، وهذا سيرفع الحصّة السوقيّة لنظام التشغيل أو على الأقل، سيحافظ عليها، وهكذا تولد حلقة التغذية الذاتية المستمرة.

لذا، من الصعب جداً أن تقوم مايكروسوفت بأمرٍ ما لكسر هذه الحلقة… لكنّهم -بقوّة الذكاء الاصطناعيّ وبعض القرارات النيّرة الأخرى- قاموا بهذا.


لنكن واقعيين: ويندوز هنا ليبقى

قبل أن أدخل في انتقادي لحال ويندوز اليوم، عليّ أن أكون واضحاً تماماً: ويندوز لا "يموت" ولن تغلق مايكروسوفت غداً أبوابها، ولن ينتهي تطوير نظام التشغيل بعد غد. ويندوز كنظام تشغيل موجودٌ ليبقى، لأنه وببساطة، يشغّل البنية التحتية لعشرات الأعمال حول العالم.

لكن، بنظرةٍ بسيطة لحال ويندوز في السنوات الأخيرة، يمكنك استخلاص أنّ ويندوز قد وصل ربما لقمّة انتشاره منذ سنوات، وأنّ نسبة سيطرته على سوق الأجهزة الشخصيّة دون ازديادٍ ذا معنى وهي في تناقصٍ مستمرٍّ خصوصاً في السنوات الأخيرة.


ويندوز لا يزال الخيار الأكثر شعبية، لكن هذا في انحدارٍ مستمر، والمنافسة تشتدّ يوماً بعد يوم.

وهذا يعني أحد أمرين: إمّا أنّ أنظمة التشغيل الأخرى دخلت للمنافسة، أو أنّ ويندوز ببساطة، اكتسح ما يمكن اكتساحه من السوق، ولم يبق ما يمكنه التوسّع فيه.

لا أعتقد أيضاً أن لينكس هو التهديد الأول لوجود ويندوز، ولا أعتقد أنّ أيّ عامٍ قريبٍ أو بعيد سيكون "عام سيطرة لينكس على أجهزة الحواسيب الشخصيّة" - لكن، أرى أنّ ماك هو المنافس الأول، وحجّتي هذه مبنيّة ببساطة على الخطّ البيانيّ أعلاه.

أمرٌ أخير عليك التفكير فيه عند النظر لبيانات استخدام ويندوز مقارنة بأنظمة التشغيل الأخرى، أنّ موضع ويندوز في الوسط بين فئتي المستخدمين: الراغبين بامتلاك جهازٍ بعتادٍ خاصٍّ بهم، وبين الراغبين باستخدام نظام تشغيل سهل وبسيط، يعني أنّه مهددٌ من الطرفين:

أيّ جهازٍ جديدٍ أو نظام تشغيل جديدٍ يستهدف فئة محددةً من المستخدمين، كما فعل Chrome OS من غوغل عندما هدد الحصّة السوقيّة لويندوز في سوق أجهزة الحاسب الشخصي المحمولة التي تستهدف المستخدمين المبتدئين وطلاب المدارس، يعني أنّ حصّة ويندوز في السوق ستتآكل.

وأيّ تغييرٍ في ويندوز يحدّ من حريّة المستخدمين سيعني أنّ المستخدمين الأكثر خبرةً وتقبّلاً للدخول في عالم نظامٍ تشغيلٍ جديدٍ مثل لينكس سيبدأون بالانتقال خارج ويندوز.

نقطة القوّة الأولى لمايكروسوفت تتحول لنقطة ضعفٍ مع الوقت مع دخول المنافسين الجدد ومع كلّ "ميزة" جديدة تعلن عنها مايكروسوفت.


كيف قدّمت مايكروسوفت أفضل هدية للينكس


كمستخدمٍ لنظام تشغيل ويندوز أنت أمام مفترق طرقٍ بسيطٍ جداً: 

إما أن تأخذ ويندوز كما هو من مايكروسوفت، بكل "ميزاته" وإضافاته المرهقة التي لن تستخدمها طوال حياتك، والتي ستثقل كاهل حاسوبك مهما كان عتادك جيداً. 

أو لن تتهيب صعود الجبال، وسترفض العيش بين الحفر، وستحاول إيقاف هذه الخدمات والميزات التي لا طائل منها، وستقع في هاوية "التنظيف" المستمر لنظامٍ لا يرغب بأن يبقى نظيفاً.

ولأظهر لك فداحة هذه المشكلة -أيّ حشو ويندوز بميزات وخدمات لا طائل منها- يكفي أنّ أريك لقطة شاشةٍ من أداةٍ لتنظيف الويندوز من الأدوات التي لا يحتاجها المستخدم عادةً.


 هذا نصف الخيارات الموجودة فحسب في أداة privatezilla مفتوحة المصدر.

ولو قلنا أنّك اتخذت القرار وأردت إيقاف بعض هذه الخدمات التي لا طائل منها، وعلى سبيل المثال تجربة خيارٍ يحفظ خصوصيتك مثل إيقاف إرسال بيانات التعقب - Telemetry لسيرفرات مايكروسوفت، فستفقد بشكل غير مباشر إمكانيّة تحديث نظام التشغيل على ويندوز 11.

ترغب بإيقاف كورتانا وون درايف؟ سيعودان في كلّ تحديث للنظام. ترغب بإزالة كاندي كراش المثبتة افتراضياً على جهازك؟ ستعود مع كل تحديث للنظام. أنت في معركة دائمة مع مايكروسوفت لتنظيف نظام التشغيل وإبقاء ما تحتاجه من الميزات فحسب.

تعتقد أنّي أبالغ بوصف هذا بالمعركة؟ 

تطلب مايكروسوفت أثناء تثبيت نسخة ويندوز على جهاز جديد التسجيل بالبريد الإلكتروني وامتلاك اتصال انترنت فعال، عثر بعض الأشخاص على خدعة تتخطى هذه الخطوة لتسجيل الدخول باستخدام حسابٍ محليّ دون اتصال انترنت، ونجحت هذه الخدعة لفترة لا بأس بها إلى حين انتشارها في الأخبار، وحينها قررت مايكروسوفت أن تصدر تحديثاً يمنع هذا في الإصدارات الجديدة.

تخيل معي الآن أنّ كل تحديثٍ لويندوز في السنة الأخيرة أضاف ميّزة لا يمكنك إيقافها بسهولة، هذه الميزة تستهلك من موارد جهازك المحدودة، وفي نفس الوقت تضرب بخصوصيتك عرض الحائط، لكنّك تقبل هذا، لأنّها مجملاً لا تغيّر من طريقة استخدامك للحاسب كثيراً، ولو استهلكت من موارد جهازك فهي لا تزال ضمن المعقول.

ثم تأتي مايكروسوفت بالخبر الكبير: Recall. أداة ذكاء اصطناعيّ تراقب كلّ ما تقوم به على حاسبك الشخصيّ، وتلتقط صوراً للشاشة، وتخزّن المعلومات الموجودة على شاشتك دون تشفير على جهازك.

والأفضل من هذا وذاك؟ تأتي هذه الميزة مفعّلةً سلفاً على حاسبك الشخصيّ.

في وقتٍ لا يزال فيه النقاش حول أمان أدوات الذكاء الاصطناعي وتأثيراتها على المستخدم والبيئة والتبعات القانونية لاستخدامها في مختلف المجالات، قررت مايكروسوفت أن الخيار الأفضل لتوظيف هذه الأدوات سيكون عبر مراقبة كل ما تقوم به على حاسبك الشخصيّ في كلّ وقت.

ظهرت تصحيحات كثيرة حول هذه الميزة في الأسابيع اللاحقة للإعلان عنها، وبدأ الحديث عن تشفير البيانات وأمانه، وكون الأداة ستلتقط صوراً من متصفح الإنترنت أثناء إدخالك لكلمات المرور أو أثناء تسجيل الدخول لحسابك البنكي.

وطرح العديد من المستخدمين تساؤلات حول أمان هذه الميزة لاستخدامها في أجهزة الكبار في العمر وأصحاب الخبرة التقنية المحدودة، ومدى إمكانيّة استغلالها من طرف النصّابين والمخادعين على الإنترنت، خصوصأ مع انتشار هذه الحوادث في السنوات الأخيرة.

وقبل أن يشتد النقاش، صدر خبرٌ جديد: أجهزة ويندوز حول العالم تتوقف عن العمل وتعلق في حلقة مفرغة من إعادة التشغيل والشاشة الزرقاء بسبب تحديثٍ لأداةٍ "أمنيّة".

يشعرك تتالي هذه الأحداث كمستخدم لمايكروسوفت أنّك أمام مفترق طرق: إما أن تذهب لعتاد آبل، وتستخدم أجهزتها ونظام تشغيلها - لتضمن أمان جهازك وعمله في مواقف مشابهة.

أو أن تجرب حظّك مع الوحش: لينكس. لتكتشف أنّه في النهاية ليس وحشاً كما سمعت عنه.


لينكس اليوم غير لينكس الأمس


أطلقت شركة Valve المسؤولة عن متجر ألعاب الفيديو الأكبر Steam قبل سنتين تقريباً، جهازاً جديداً يحمل اسم Steam Deck: وهو جهازٌ محمولٌ لألعاب الفيديو، يشابه في مبدأه جهاز Switch من شركة نينتيندو لكن يهدف لتشغيل ألعاب الحاسب الشخصيّ التقليديّة بدلاً من ألعاب مخصصةٍ له فحسب.

وبقرارٍ غريب، اختارت Valve نظام تشغيلٍ مبنيّ على لينكس لتشغيل جهازها تحت مسمّى SteamOS بدلاً من الاعتماد على ويندوز لتشغيل الألعاب رغم أنّه النظام الأكثر شيوعاً لدعم ألعاب الفيديو - وقدّمت مع هذا النظام أداةً Proton بمصدر مفتوح وبرخصة قابلة لإعادة النشر والاستخدام والتوزيع والتعديل دون محدوديةٍ تقريباً.

أدخل هذا القرار لينكس إلى قلب عالم ألعاب الفيديو بعد أن كان منعزلاً عنه، وأصبح تشغيل الألعاب على لينكس وقعاً لا خيال، حتّى عند الحديث عن الألعاب الصادرة حديثاً، لأن Valve تقدم لهذه الأداة دعماً مستمراً وتركّز على توفقيّتها مع الألعاب الحديثة قدر الإمكان.

هذا جزء من الاختلافات الهائلة التي حصلت في لينكس خلال السنوات الأخيرة - أضف لهذا أن التوزيعات المخصصة للألعاب والتصميم وتحرير الفيديو وتلك التي تركز على البدء السريع واللطيفة للمستخدمين محدودي الخبرة والتي تركز على تقريب واجهة الاستخدام من تلك الموجودة في ويندوز تنتشر بسرعة كبيرةٍ جداً.


هذه صورةٌ مثلاً من لينكس بواجهة Plasma KDE تطابق في تفاصيلها الكثير من تفاصيل ويندوز 11.

ذو صلة

ما حصل في السنة الأخيرة مع مايكروسوفت دفع العديد من المستخدمين الجدد باتجاه تجربة لينكس - مع امتعاض، لكن ما يكتشفه الكثير ممن يستخدمونه اليوم أنّه ليس نظام التشغيل ذاته الذي جرّبوه مرّة أو مرّتين قبل خمس أو عشر سنوات، وأنّ كثيراً من حالات استخدامهم للحاسب مغطّاةٌ وأكثر في الإصدارات الحديثة.

وهذا ما يحتاجه الكثير من المستخدمين للانتقال النهائي فعلياً، تجربة واحدة تغيّر نظرتهم عن الصورة النمطية المسبقة عن نظام التشغيل هذا، ثم يبدأ الانتقال نحوه بعيداً عن مايكروسوفت.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة