تريند 🔥

🤖 AI

لماذا يؤذينا الآخرون بدون سبب؟ 

لماذا يؤذينا الآخرون بدون سبب؟ 
آلاء عمارة
آلاء عمارة

6 د

هل تعرضت لأذى من قبل بدون أي سبب؟ وقتها تأملت كثيرًا، سألت نفسك ألف سؤال وسؤال، لماذا حدث هذا معي؟ لماذا أنا؟ ما الذي اقترفته لكل هذا؟ هل أنا سيء لهذه الدرجة؟ وربما تعرضت لجلد الذات وحمّلت نفسك المسؤولية، وقد تثور عليك نفسك، متهمة إياك بأنك السبب في هذا الإيذاء الذي تعرضت له؛ فأنت المسؤول الأول والأخير عن حمايتها، وهنا يبرز السؤال الأهم، أين المشكلة؟ حسنًا، تلك قصة طويلة، نخوض فيها في هاليز النفس البشرية. قبل ذلك، لأروي لك قصة تعرفها جيدًا. ربما تساعدنا في إدراك إجابة السؤال.

لم يسلم هابيل من القتل العمد على الرغم من كونه إنسان حسن الخلق، طيب القلب، بار بوالديه وأهله، والكارثة أنّ مَن نال منه كان أخيه قابيل. حصل ذلك -بحسب الرواية من التراث الديني- بعد أن قدما قربانًا لله، وقُبل قربان هابيل، ولم يُقبل قربان قابيل. فما كان من الأخير إلا أن عاقب هابيل بالقتل، وسجل أول جريمة قتل في تاريخ البشر؛ وحزن آدم وحواء. إذًا، ما الذي حدث؟ لماذا وصل الأمر إلى حد القتل؟ لماذا يذهب الطيبون ضحية كره الآخرين. لحظة! كيف نشأ هذا الكره؟ لماذا قد يؤذينا الآخرين بدون أن نرتبك أي اثم؟


كلمة السر "الحقد"

كلمة السر "الحقد". تُرى ماذا يدور في عقل الحاقد؟ لنفتش معًا. الحقد آفة النفس البشرية، يتسلل ببطء إلى النفس؛ وسرعان ما ينشر كسرعة انتشار المرض الخبيث؛ حتى تتلوث النفس، وتفقد القيم الإنسانية في سبيل إرضاء غايات الحاقد.

تبدأ الحكاية بمقارنة بسيطة؛ لكن نتائجها قد تكون مرعبة. لماذا يمتلك فلان هذا الشيء، بينما لا أملكه أنا؟ قد يكون هذا الشيء ماديًا أو معنويًا؛ مثل حب البشر أو الذكاء أو غيرهما. قد تكون المقارنة دافعًا للتقدم والتحسن، هذا صحيح، لكن الشخصيات مختلفة، وهناك شخصيات قد يتطور الأمر معها نحو مشاعر أخرى سلبية، مثل: عدم الرضا أو الشعور بالذنب أو الندم أو الكذب أو قلة احترام الذات؛ خاصة عندما لا تساعده قدراته على تطوير مهارة ما، وهنا يتطور الأمر نحو الغيرة والحسد. تمامًا مثلما حدث مع قابيل عندما قارن حاله بحال أخيه، وتطورت لديه مشاعر سلبية، دفعته نحو الغيرة والحسد تجاه هابيل.

عندما يجد الإنسان -الذي تطورت لديه مشاعر سلبية- نفسه عاجرًا عن القيام بشيء ما، يحاول إقناع نفسه أنه إنسان متميز، ولا أحد يمكنه فعل ذلك الشيء غيره؛ حتى يتهرب من جلد الذات، ومجرد ما أن يجد شخصًا يمكنه فعل ذلك الشيء ببساطة وتمكّن، تشتعل الغيرة والحسد بداخله، وتبدأ محاولاته لتثبيط ضحيته بعدة طرائق متنوعة وجميعها بسلوكيات مؤذية وغير حميدة. 

"هل هناك شخص ما في حياتك بدأ يعاملك بطريقة مختلفة بعد تحقيقك لنجاح ساحق عجز هو عن تحقيقه؟".


اضطراب!

وتبدأ سلسلة من الأفكار التي قد تقود إلى نتائج مرعبة، في سبيل المادية، مبررة بعدد من التبريرات الواهية، والتي يصدقها الحاقد أو الحاسد، رغم عدم منطقيتها، يبدأ في اصطناع المشكلات مع الطرف الآخر، يبحث عن أي شيء يضايقه ويعكر صفوه في أوقات انبساطه، وربما يصنع قصصًا من وحي خياله لإلحاق الضرر بالطرف الآخر.

وهنا يُصاب الضحية باضطراب؛ خاصة إذا كان شخصية بريئة، خبرته في الحياة قليلة، ويبدأ في طرح الأسئلة على نفسه: "لم أفهم السبب وراء إيذاء بعض الأشخاص بدون مبرر واضح، أنا لم أفعل لهم شيئًا، كان تركيزي منصبًا على عملي ودراستي؛ لماذا لا يتركوني وشأني؟ ربما فعلت شيئًا ما عفويًا لم يكن على هوائهم، حسنًا لأفكر قليلًا". ويمر الوقت ببطء قاتل وسرعة مذهلة في نفس الوقت.

"ما هذا؟ أكثر من أسبوعين أفكر في التصرفات المؤذية للآخرين، لقد قتلت عقلي تفكيرًا، أصابني الأرق، لا أستطيع النوم ولا الاستمتاع بحياتي. تُرى ما الذي فعلته؟". وهكذا سلسلة من الأسئلة التي قد تُهلي الضحية عن الحياة الشخصية. ومن الجانب الآخر؛ تستمر الشخصية الحاقدة في الإيذاء وتوجيه الإهانات بدون مبررات منطقية، تصطنع المشكلات، وتكون أكثر عدائية تجاه الضحية، وتظهر شماتها جلية، وتفرح في معاناة الضحية.


غضب أعمى

via GIPHY

وفي النهاية يقود الحقد نحو الغضب، والغضب هو سيد الكوارث، إنه مثل الخمر، مسكر للعقل ولاغٍ له، وعندما يشتعل، تُصبح العواقب وخيمة. لذلك، يقولون الغضب أعمى؛ لا يُدرك المرء حجم الكوارث التي يتسبب فيها إلا بعد فوات الأوان. والحقد قائد شرس، يمكنه قيادة الإنسان نحو الغضب الأعمى، ويبدأ في إلحاق الأذى بالضحية. لكن، المشكلة ليست فقط في الحقد، وراء الستار الكثير من المشكلات النفسية. 


هل جميعنا نشبه بعضنا؟ 

ببساطة لا، الظروف التي كبرت فيها تختلف عن ظروفك، تختلف عن ظروف أي شخص بجانبك، تجاربي مختلفة عن تجاربك، خبرتي ربما أقل أو أكثر أو مساوية لخبرتك. إذًاـ لنتفق أنّ الاختلاف في الظروف موجود حتمًا. لكن ركز معي، لقد قُلت الظروف؛ فماذا عن طبيعة النفس البشرية نفسها؟ إنه لسؤال محير، اختلفت فيه إجابات العلماء والفلاسفة والمفكرين الاجتماعيين؛ فهناك مَن ادّعوا أنّ "الطبيعة البشرية محايدة في جوهرها، وليس لديها أي ميول مهيئة". بعبارة أخرى، إننا كنا صفحة بيضاء، خالية من أي محتوى، حتى يبدأ الإنسان في اكتساب خبراته من الحياة، ويكتب بيد الخبرة، ومن خلال تراكم خبراته، يمكنه بعد ذلك تقرير تصرفاته. تلك الخبرة قد سيئة أو جيدة؛ بحسب ما يمر به. 


عدم الأمان 

هذا غير مبرر للسلوك المؤذي لبعض الأشخاص، لكن هؤلاء ربما تصدر منهم تصرفات مزعجة بعد تحقيقك لنجاح ما؛ فتُصبح مهددًا لهم؛ فيعانون من انعدام الثقة، ما يدفعهم للتقليل من شأن الآخرين، في محاولة (غير أخلاقية) منهم للتخفيف من شعور ضعف الكفاءة لديهم. بالأحرى، إنّ وجودك يشعرهم بعدم الأمان يا صديق، ألم تقرأ ما قاله "أحمد خالد توفيق": 

"يُرعبهم كونك مختلف، كونك لا تُشبه تكرارهم"


رغبة في التفوق! 

تأتي هذه الرغبة من الطفولة، وربما بسبب مقارنات الأهل أطفالهم مع الآخرين، ما يدفع الأطفال لفعل أي شيء فقط للتفوق والحصول على رضا الأهل، وقد تنشأ لدى الطفل الرغبة في التفوق متجاهلة السلوكيات الحميدة، ويكبر وتكبر معه تلك السلوكيات وتصبح جزءًا من شخصيتهم التي تجد متعة كبيرة في ممارسة الهيمنة. عادةً ما تجدهم يرغبون دائمًا في السيطرة على الآخرين، حتى وإن كانت الوسيلة المتاحة لديهم لتحقيق غايتهم هي إلحاق الأذى بالآخرين. 


الوسط 

في كثير من الأحيان نعمم بعض المجموعات بصفات معينة، على سبيل المثال، عصابة الأربعة، مشترك بينهم صفة الشر، لذلك ننعتهم بالأشرار؛ فتلك المجموعة مشتركة في بعض الصفات السلبية، إنها بيئة سامة. نفس الأمر بالنسبة لبعض البشر الذين قد ينخرطون في مجتمعات أو بيئات سامة، ويُضطرون لاكتساب صفاتهم، تجنبًا للاستبعاد أو حتى يلاقون القبول من دوائرهم. 


ندوب من الماضي 

صدمات الطفولة التي لا تُنسى وهي الأساس الذي يعتمد عليه الأطباء النفسيين عند تشخيص حالة ما، ذلك لأنّ ندوب الماضي بصورة عامة تطارد المرء، ولو بعد 1000 عام، وتؤثر على سلوكياته، وتدفعه إلى إيذاء نفسه أو الآخرين كرد فعل من الآلام والندوب التي لم يتعافى منها بعد. 


افتقار الرحمة 

ذو صلة

ربما هؤلاء الذين تعرضوا للكثير من المضايقات والقسوى بدون رحمة، هم أكثر الأشخاص الذين يفتقرون إليها، ويظهر ذلك في سلوكياتهم وعدم تعاطفهم مع آلام الآخرين؛ إذ يرون أنّ المرور بالآلام لمرحلة مهمة لكي يصل الإنسان إلى النضج الكافي لمواجهة الحياة. 

هل فهمت الآن لماذا قد تتعرض للأذى بدون إبداء أي ضرر للآخرين؟ إنها النفس الضعيفة يا عزيزي.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة